تشهد العاصمة الماليزية كوالالمبور في شهر يونيو المقبل حدثًا عالميًا في مجال الرعاية الصحية، حيث ستستضيف مركز كوالالمبور للمؤتمرات المؤتمر العالمي للاتحاد العالمي للهيموفيليا (WFH)، بمشاركة خبراء مرموقين من أكثر من 125 دولة، إلى جانب مرضى اضطرابات النزيف الوراثي وعائلاتهم، وعدد من صناع القرار والمتخصصين في قطاع الرعاية الصحية.
ويُعد هذا الحدث الطبي البارز علامة فارقة في تاريخ ماليزيا، التي تم اختيارها كدولة مضيفة للمؤتمر منذ عام 2014، بعد منافسة قوية مع عدد من الدول. وقد جرى تسليم راية الاستضافة رسميًا خلال المؤتمر السابق الذي عُقد في مدينة غلاسكو عام 2018، في لحظة احتفالية عكست ثقة المجتمع الطبي الدولي في ماليزيا كمركز إقليمي متقدم في الرعاية الصحية والسياحة العلاجية.
منصة عالمية لتعزيز التعاون الطبي
وفي تصريح له، أكد داتو حاجي شريف، الرئيس التنفيذي لمكتب ماليزيا للمؤتمرات والمعارض، أن “المؤتمرات الصحية المتخصصة، مثل مؤتمر الاتحاد العالمي للهيموفيليا 2020، تلعب دورًا محوريًا في تعزيز مكانة ماليزيا كمركز صحي عالمي وزيادة عدد الزوار الدوليين”. وأضاف: “نتوقع حضور أكثر من 4300 مندوب من شتى أنحاء العالم، وهو ما يمثل فرصة ثمينة لتبادل المعرفة الطبية، وتعزيز شبكات التعاون، ودعم الابتكار في علاج اضطرابات النزيف الوراثي”.
وأشار حاجي شريف إلى أن توقيت المؤتمر يتزامن مع مرحلة نمو متسارع يشهده قطاع السياحة الطبية في ماليزيا، حيث تستقطب البلاد آلاف المرضى سنويًا بفضل بنيتها التحتية الطبية المتطورة، وتكلفة العلاج المعقولة مقارنة بدول أخرى، فضلاً عن بيئة متعددة الثقافات تسهّل التواصل مع المرضى من خلفيات متنوعة.
برنامج علمي متكامل وتركيز على المريض
ولا يقتصر المؤتمر على كونه منصة علمية للأطباء والخبراء، بل يشكل أيضًا مكانًا مهمًا للقاء المرضى وعائلاتهم، وتبادل الخبرات والتجارب الحياتية. وسيشهد الحدث تنظيم برنامج متعدد التخصصات يغطي أبرز الموضوعات الناشئة في مجال اضطرابات النزيف الوراثي، وعلى رأسها الهيموفيليا، ومرض فون ويلبراند، ومتلازمات النزيف النادرة الأخرى.
ويضم البرنامج جلسات علمية متقدمة، وورش عمل تفاعلية، ومحاضرات يلقيها خبراء عالميون في الطب الوراثي وأبحاث الدم والعلاجات الجينية، بالإضافة إلى معرض يضم آخر الابتكارات الدوائية والتقنيات الحديثة في تشخيص وعلاج اضطرابات النزيف.
وسيتم تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بجودة الحياة للمصابين، وطرق تحسين الرعاية النفسية والاجتماعية لهم، كما سيتم التطرق إلى التحديات التي تواجه المجتمعات ذات الموارد المحدودة في توفير العلاج المستدام.
انعكاسات طويلة الأمد على القطاع الصحي الماليزي
من المتوقع أن يترك المؤتمر أثرًا إيجابيًا بعيد المدى على قطاع الرعاية الصحية في ماليزيا، ليس فقط من خلال تعزيز الكفاءات المحلية واكتساب الخبرات الدولية، ولكن أيضًا من خلال دعم جهود الدولة في تطوير برامج علاجية متقدمة، وتوسيع شبكة التعاون مع مراكز البحوث والمؤسسات الطبية العالمية.
كما يُعد الحدث دفعة قوية لمكانة ماليزيا في سوق المؤتمرات والمعارض الدولية، ما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وزيادة التدفق السياحي المرتبط بالفعاليات المهنية.
نحو مستقبل أكثر إشراقًا لمرضى اضطرابات النزيف
يأتي انعقاد المؤتمر العالمي للهيموفيليا في وقت يشهد فيه الطب تطورات مذهلة في مجال العلاج الجيني، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام المرضى حول العالم. ويأمل المشاركون أن يُسهم هذا الحدث في تسريع وتيرة الابتكار وتوحيد الجهود العالمية لتحسين حياة المصابين باضطرابات النزيف الوراثي.
وختامًا، فإن استضافة ماليزيا لهذا المؤتمر لا تعكس فقط التزامها بتعزيز مكانتها في المجال الصحي، بل تؤكد أيضًا دورها في تمكين المجتمعات، وتحقيق مستقبل صحي أفضل وأكثر شمولاً للجميع.